كونشيرتو قورينا إدواردو

“كونشيرتو قورينا إدواردو”

انتهيت للتو من قراءة الرواية، وبصراحة، شعرت بالحزن والأسى لبضع دقائق بعد الانتهاء، لحظات الفراقٍ صعبة جدًا، تدور أحداث الرواية حول توائم، ولكن الشخصية الرئيسية في الرواية هي (ريم) ومع توأمها أمينة (تماثيامو)، انتهت الرواية بموت جميع الشخصيات، باستثناء أيوب، الإرهابي الشقيق الذي نجح في الهروب من مصراتة بعد حرب داعش، وبات يعيش في تركيا

وفي نهاية الرواية، عندما سافرت ريم إلى روما، ربما كانت رحلتها هي أجمل شيء في حياتها. منذ طفولتها، كانت تعاني من الخسارة، وعاشت وأحبت إدواردو، الرجل الإيطالي الوسيم

ولكن الزواج كان سريًا، لأن ابنة عمها آمال نصحتها بعدم الحديث عنه وأن تتزوج وتعيش حياتها، وإذا تحدثت، ستواجه صعوبات وستجد نفسها في مناقشة طويلة، لأنها ستتزوج رجلاً مختلفًا تمامًا عنها في الدين والعرق والجنسية ولكن عندما بدأت الحرب في بنغازي، عادت ريم وتركت ابنتها مع زوجها، أخذت ريم الكلمة وقالت لوالدتها: “أمي، إيوب بين الحياة والموت. دعينا نترك بنغازي، لا يزال الوقت مبكرًا.

و بدأت رحلة الهروب من الحرب الشرسة للدولة الإسلامية في بنغازي، والتي كانت تجاور عاصمتها درنة وتمتد حتى حدود طبرق، مفجعة للغاية. وفي أحد تلك اللحظات المشؤومة، وقع الحادث الأليم الذي أودى بحياة التوأمين الثائرين، مشتعلًا بهما بلهيب، محطمًا كل آمالهما وأحلامهما في الحرية والسعادة.

عادوا التوأمان إلى بنغازي لكي يناموا بجوار جدهم ( بابا أحمد) في يوم الاربعاء من سنة 2016، و أن يستشهد مروان الأحرش صديق ايوب في الطفوله وسلاحه على صدره بينما يمشط أحياء وسط بنغازي المحررة تمهيدًا لعودة الأهالي، داس لغما زرعته الجماعات الفارة، فجمع أشلاء ممزقة من كل اتجاه ما عدا قدمه التي داست اللغم تفتت وتناثرت فوق التراب الذي أقسم له بحياته، ترك مروان خمسة أطفال يتامى وأمهم، جراح لن يمسها البرء أبدا.

إنتهت الرواية الحزينة بمشاهد مأساوية، انتهت الحياة للجميع واستطاع المجرم من الفرار، لكن الألم الذي عاشه سكان بنغازي ودرنة والمناطق المجاورة لهم لا يمكن للزمن أن ينسيه ولا للذاكرة أن تمحوه، الأرواح التي فقدت والأشخاص الذين تحولوا إلى رماد، هم جزء من الواقع القاسي الذي عاشوا فيه.. ستظل الأرواح الماتت محفورة تحت التراب، بينما يتفتت الرماد في الذاكرة، مثل أرواح لا تزال تعيش في ذاكرة الباقين، فالحروب تترك آثارًا عميقة وتخلّف جروحًا لا تشفى.

وائل فتحي

أضف تعليق

تصميم موقع كهذا باستخدام ووردبريس.كوم
ابدأ